السبت - 23 سبتمبر 2023

أربيل تستنجد بواشنطن لإنقاذها من طوفان الاحتجاجات.. مواطنو كردستان يدفعون ثمن استحواذ البارتي على ثروات الإقليم

منذ أسبوع واحد
السبت - 23 سبتمبر 2023
1394 مشاهدة

العهد نيوز – خاص

منذ سقوط نظام الطاغية المقبور ولغاية اليوم، يصر الحزب الديمقراطي الكردستاني على التحكم بمقدرات مواطني الإقليم، وعدم الالتزام ببنود أي موازنة تتضمن تسليم بغداد الملف النفطي وإيرادات المنافذ مقابل إرسال الأموال.

ويعاني مواطنون الإقليم من تأخر رواتبهم لأشهر، من جراء سياسة السلطة الناتجة عنها تزمتها وعدم المرونة في التعامل مع الحكومة الاتحادية، فضلاً عن عدم الالتزام بالاتفاقات التي تخص تسليم الإيرادات المالية للإقليم إلى المركز.

مصادر من داخل الإقليم تشير إلى أن الموظفين هناك، يستعدون إلى الاحتجاج على سياسة سلطة الإقليم وعدم التزامها بما تطلبه بغداد منها، لا سيما تطبيق بنود الموازنة، مما ينذر بـ”طوفان احتجاجي” قد يهز عرش الحكم في كردستان.

وتضيف، أن الخشية من الاحتجاجات، دفع رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، إلى الاستنجاد بالرئيس الأميركي جو بايدن عبر برقية طلب فيها التدخل العاجل لإنقاذ كردستان مما وصفه بـ “الانهيار النهائي”.

وكتب بارزاني في رسالته الموجهة إلى بايدن قائلاً: “أكتب إليك الآن ونحن على مفترق أزمة أخرى بتاريخنا، أزمة أخشى باننا لن نتجاوزها بسهولة، نحن ننزف اقتصاديا وسياسيا”.

وتابع: “للمرة الأولى منذ ان توليت مهمة رئيس الوزراء، اشعر فعلا بالقلق من ان هذه الحملة غير المشرفة التي تشن ضدنا ستؤدي في النهاية الى تدمير النموذج الفدرالي العراقي الذي رعته الولايات المتحدة منذ عام 2003 وحرصت على استمراره حتى الآن”، بحسب وصفه.

بارزاني بحسب الرسالة حذر من “الانهيار الكلي والكامل لإقليم كردستان العراق” في حال لم يتحرك الرئيس الأمريكي جو بايدن شخصيا للتأثير على الحكومة العراقية، حيث قال فيها: “نحن نعتقد بان ادارتك تملك نفوذا كبيرا في بغداد يمكن ان تستخدمه لنزع فتيل الازمة الحالية”، بحسب وصفه.

وأشار بارزاني الى ان “إقليم كردستان العراق يعاني منذ مدة من صعوبات اقتصادية ومالية كبيرة نتيجة لفقدانه القدرة على تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي بشكل منفصل عن بغداد عقب فوز الأخيرة بقضية قضائية أجبرت خلالها السلطات التركية على إيقاف التصدير، حيث تطالب أربيل الحكومة في بغداد بتغطية نفقات الإقليم بشكل كامل حتى يتسنى لها إعادة ضخ النفط مرة أخرى الى السوق العالمي”.

هذا الاستنجاد غير المتوقع بحسب الأوساط السياسية، التي وصفته بـ”القفزة إلى بايدن”، دفع رئيس حكومة الإقليم بتحديد اليوم الخميس موعداً لزيارة العاصمة بغداد، لإجراء مباحثات بشأن الملف النفطي وبنود الموازنة.

وردت الولايات المتحدة على رسالة بارزاني، بدعوة من الخارجية الأميركية إلى المركز والإقليم للحوار وحل الخلافات بشأن الموازنة.

حيث قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، في تصريح صحفي: “نواصل دعوتنا لأربيل وبغداد لحلّ مشاكلهما حول الموازنة بما يتوافق مع مصلحة العراقيين”.

في غضون ذلك، أقر المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، الأسبوع الماضي، بأن إقليم كردستان لم يسلم إيراداته النفطية وغير النفطية إلى بغداد، فيما أشار إلى أن الأموال التي بذمته تجاوزت أضعاف حصته بالموازنة.

وقال العوادي في تصريح للوكالة الرسمية وتابعه موقع العهد، اليوم الجمعة، إن “الحكومة الاتحادية نفذت التزاماتها المالية كاملة تجاه إقليم كردستان”، مبيناً أن “الحكومة بذلت جهوداً كبيرة لتقديم الحلول لغاية نهاية شهر حزيران الماضي”.

وأضاف، أن” الأموال التي في ذمة الإقليم بلغت أكثر من ثلاثة أضعاف حصة الإقليم حسب الإنفاق الفعلي للدولة”، لافتاً إلى أن “حكومة الإقليم لم تسلم الإيرادات النفطية وغير النفطية كما أوجب تسليمها قانون الموازنة”.

وأوضح العوادي، أنه “‏رغم عدم التزام حكومة الإقليم أخذت الحكومة الاتحادية قراراً بعدم تحميل المواطنين العراقيين في الإقليم جريرة عدم الالتزام”، مشيراً إلى أن “الحكومة عملت بما يسمح به القانون باتخاذ قرار في مجلس الوزراء بإقراض الإقليم لحين حسم مشاكله المالية أصولياً”.

وتابع، أن “الحكومة الاتحادية حريصة على حقوق المواطنين في إقليم كردستان كحرصها على حقوق المواطنين في سائر المحافظات”، مؤكداً أن “الالتزام بالقوانين الفيدرالية والاتفاقات المبرمة في ظل الدستور أقصر طريق لاستكمال التحويلات المالية وتعزيز الثقة”.

وبلغت حصة الإقليم في الموازنة المالية لسنوات 2023 و2024 و2025، التي صوت عليها البرلمان في حزيران الماضي، نحو 16.609 ترليون دينار للعام الواحد.

وتعد الملفات العالقة بين بغداد وأربيل إحدى أبرز المعضلات التي تواجهها الحكومات العراقية المتعاقبة، أبرزها رواتب موظفي إقليم كردستان، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم، وغيرها.

ومنذ قرابة عشرين عاما والخلافات مستمرة بين الجانبين، لكنها تتراجع أحيانا، وخاصة خلال مفاوضات تشكيل أي حكومة جديدة، ومن ثم تبدأ بالتصاعد شيئا فشيئا بمجرد مرور بضعة أشهر من تشكيل الحكومات المتعاقبة في البلاد.

وتعد أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان، معضلة حقيقية في ظل عرقلة أربيل تلقي مئات آلاف العاملين في القطاع الحكومي في الإقليم لمستحقاتهم المالية الشهرية.

وتأتي هذه الأزمة بالتزامن مع وقف تركيا تدفقات النفط العراقية عبر خط الأنابيب الممتد لميناء جيهان  في 25 مارس الماضي بعد أن أمرت هيئة تحكيم تابعة لغرفة التجارة الدولية أنقرة بدفع تعويضات لبغداد بقيمة 1.5 مليار دولار تقريبا عن الأضرار الناجمة عن تصدير حكومة إقليم كردستان النفط بشكل غير قانوني بين عامي 2014 و2018.

النائبة عن الاطار الشيعي مديحة الموسوي، أشارت الى ان حكومة الإقليم لم تسلم الواردات المالية من صادرات النفط او المنافذ الحدودية للحكومة الاتحادية.

وقالت الموسوي في تصريح لـ “العهد نيوز”، إن “زيارة مسرور بارزاني ليس أمر عجيب فيجب ان يكون هناك تفاوض من اجل وضع النقاط على الحروف لكون هناك مستحقات للإقليم مطالب بها وبالمقابل هناك واجبات على حكومة كردستان عليها الالتزام بها أمام بغداد”.

وأضافت أن “حكومة الإقليم عليها مجموعة من الشروط لم تف بها من ضمنها تسليم وارداتها المالية من الصادرات سواء كانت نفطية او المنافذ الحدودية الى الحكومة الاتحادية”، مبينة أنه “يجب الاتفاق على ان تكون هناك موازنة موحدة، وواردات وصادرات موحدة في العراق”.

وحذر تحليل نشرته مجلة “فورن بوليسي” الأميركية الشهر الماضي من مخاطر استمرار الخلاف النفطي بين العراق وتركيا واحتمال أن تؤدي تداعياته لحرب أهلية في إقليم كردستان تمتد تداعياته لجميع أنحاء البلاد.

وتمثل عائدات تصدير النفط نحو 80 في المئة من الميزانية السنوية لحكومة إقليم كردستان، مما يعني أنها تواجه مخاطر جمة في حال استمرار توقف الصادرات، وفقا للتحليل.

أشار التحليل إلى أن الحظر النفطي التركي كلف حكومة إقليم كردستان لغاية الآن أكثر من ملياري دولار، مبينا أن استمراره يمكن أن يدمر اقتصاد الإقليم وربما يؤدي إلى انهيار حكومة إقليم كردستان التي تتمتع بحكم شبه ذاتي.

ولسنوات عديدة، كان اقتصاد حكومة إقليم كردستان يعاني نتيجة الخلافات مع الحكومة الفيدرالية المتعلقة بحصة الإقليم في الموازنة.

توصلت سلطات الإقليم والحكومة الاتحادية إلى اتفاق ينص على إجراء مبيعات النفط عبر سومو ووضع الإيرادات في حساب مصرفي تديره أربيل وتشرف عليه بغداد.

ويوم الاثنين الماضي، استضافت اللجنة المالية النيابية برئاسة النائب عطوان العطواني وحضور أعضائها، الفريق الحكومي المكلف بالتواصل مع ممثلي حكومة إقليم كردستان بشأن متابعة تنفيذ المواد الخاصة بكردستان في قانون الموازنة العامة الاتحادية لعام 2023.

وقدم الفريق المكلف خلال الاستضافة شرحا مفصلا عن أهم الإشكالات القانونية التي واجهتهم خلال مناقشة تطبيق قانون الموازنة لعام 2023 مع وفد إقليم كردستان.

وبين أعضاء الفريق، حسب بيان صحافي، أن “هناك بعض الإشكالات القانونية في تطبيق الموازنة من قبل الإقليم، والتي أشار لها تقرير ديوان الرقابة المالية الاتحادي بناء على ميزان المراجعات المقدم من قبل ديوان الرقابة المالية ووزارة المالية في الإقليم، منها عدم إدراج جزء من الواردات، وكذلك إيراد النفط المسلّم إلى المصافي داخل الإقليم وواردات زيت الغاز المسلّم إلى محطات الكهرباء، وواردات أخرى، إضافة إلى أن الإقليم تجاوز حصته في 6 أشهر الأولى من السنة الحالية بناء على المصروف الفعلي في الموازنة العامة للدولة”.

وقدم النواب في اللجنة بعض الأسئلة إلى أعضاء الفريق منها “السند القانوني لإقراض الإقليم رغم عدم تسليمه وارداته إلى الحكومة الاتحادية، ولماذا لم يتم إيداع الإيرادات في الحساب الخاص الذي فتح لهذا الغرض”.

وشدد أعضاء اللجنة خلال اللقاء، على أن “الهدف هو إيجاد حلول ناجعة تمكن الإقليم من دفع رواتب موظفيه خلال الأشهر المقبلة، إضافة إلى إيجاد مخرج قانوني يمكنه من الإيفاء بالالتزامات التي وقع عليها في أربعة محاضر مع الفريق الحكومي”.

وقررت اللجنة، استضافة وزيري النفط الاتحادي والثروات في إقليم كردستان، فيما أشارت إلى أنها ستقدم تقريرها إلى رئاسة البرلمان لمعرفة أسباب انقطاع المبالغ عن الإقليم.

وقال رئيس اللجنة، عطوان العطواني، في تصريحات صحفية، إن “اللجنة استضافت الفريق الحكومي المفاوض مع إقليم كردستان، وهي الخطوة الأولى بشأن المهمة المكلف بها مجلس النواب للوصول لحلول مناسبة حول مبالغ الإقليم بما يتفق مع الدستور وقانون الموازنة”.

وأضاف أن “اللجنة ستستضيف خلال الأسبوع الجاري وزير النفط الحالي في الحكومة ووزير الثروات في إقليم كردستان لاستكمال اللقاءات ومقاطعة المعلومات التي أدلى بها الفريق الحكومي لمعرفة أين يكمن الخلل؟” مشيرا إلى أن “اللجنة سوف تقدم تقريرها أمام مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي لمعرفة أسباب قطع المبالغ عن الإقليم، وما الحلول التي من الممكن أن يتخذها مجلس النواب لضمان حقوق المواطنين في كردستان”.