“العهد نيوز” تنشر أبرز ما جاء بكلمة الشيخ الخزعلي بمناسبة ذكرى إستشهاد السيد محمد الصدر “رض”

تنشر وكالة “العهد نيوز”، أبرز ما جاء في كلمة الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق سماحة الشيخ قيس الخزعلي بمناسبة ذكرى إستشهاد المرجع آية الله العظمى السيد محمد الصدر “رض” :
ـ عظّمَ اللهُ أجورَنا وأجورَكم بهذا المصاب الجلل، ألا وهو ذكرى استشهاد المولى المقدّس، والوليِّ العارف، والمرجعِ القائد، السيّد الشهيد محمّد الصدر (رضوانُ الله تعالى عليه وعلى نجلَيهِ الشهيدَينِ)
ـ هذا الرجلُ العظيم، تصدّى لوظيفة الإصلاح المجتمعي، في ظروفٍ يسودُها الجهلُ والتجهيلُ والابتعادُ عن الله، والانحرافُ عن الدين، في ظروفٍ كانت غايةً في القسوة، حيث وجودُ نظامِ صدّام الدموي، الذي فاق كلَّ أنظمةِ الظلمِ والطغيانِ التي حكمت في تاريخ العراق.
ـ في ذلكَ الوضعِ المنحرف، والبعيدِ عن الله، وفي تلكَ الظروفِ القاسية، أرادَ السيّد الشهيد محمّد الصدر، إحداثَ الإصلاحِ المجتمعي. وإصلاحُ المجتمعاتِ ليسَ وظيفةً سهلةً، ليقومَ بها كلُّ مَن يدّعي ذلك، فهي وظيفةٌ مهمةٌ وجليلة، لا يقومُ بها إلا الأنبياءُ، أو السائرونَ حقاً على طريقِ الأنبياء، ألا وهم الأولياءُ وعبادُ اللهِ الصالحون.
ـ أرادَ السيّدُ الشهيد، التغييرَ المجتمعي، والإصلاحَ المجتمعي، في ظروفٍ صعبة، ولم يكن يمتلكُ من الأدواتِ إلا البسيطة، وقد بدأَ من الصفر، فلم تكن هناكَ مرجعيةٌ قد ورثها، ولا خطباءُ أو وكلاءُ يدعونَ إليه وينشرونَ توجيهاتِهِ وفتاواه. ولم يكن يمتلكُ في ذلكَ الوقتِ ما يمتلكُهُ الكثيرونَ الآنَ من فضائياتٍ ووسائلِ إعلام، بل كانَ في بيئةٍ معاديةٍ من كلِّ جانب، إضافةً إلى أنّ الاتهاماتِ تتوالى عليه.
ـ الذي لم يلتفت إليه الكثيرون، أنّ السيّدَ الشهيدَ كان يمتلكُ شيئاً يفتقدُهُ ويجهلُهُ الكثيرون، ألا وهو أنّ السيّدَ الشهيدَ كانَ مع الله فكانَ اللهُ معه، ومَن كانَ مع الله، حماهُ ودافعَ عنه ونصرَهُ وأيَّدَه، واللهُ سبحانه وتعالى يقول (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا)، ويقول سبحانه (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ).
ـ نجحَ محمّدُ الصدر في أداءِ وظيفتِهِ، وإن لم يُكملها بسببِ استشهادِه، فهو القائل “أنا إن ذهبتُ فميراثي موجود، وميراثي الآنَ صارَ شيئاً معتدَّاً به لن يزولَ بزوالي، ولن يستطيعَ أحدٌ أن يُزيلَه”، وقال “ميراثي هو الشجاعةُ والوعيُ في قلوبِ المؤمنين” وكذلك قال “إذا مُتُّ فسأذهبُ وضميري مرتاح”.
ـ ما أكثرَ مَن يدّعي اتِّباعَ محمّد الصدر في هذا الزمان !
هل نحن فعلاً متَّبِعونَ وملتزمونَ بما كان يقولُهُ محمّدُ الصدر؟
هل نحن فعلاً سائرونَ على طريقِهِ وملتزمونَ بوصاياه؟
فمحمّدُ الصدر ليس مجرَّدَ دعوةٍ يدَّعيها مَن يدَّعيها.
ـ ميراثُ محمّد الصدر موجود، فلم تمضِ على استشهادِهِ مئاتُ السنين، ولم يكن تراثُهُ شفوياً أو مخطوطاً حتى يستطيعَ أحدٌ أن يُحرِّفَهُ. بل إنّ تراثَهُ موجود، ومُسجَّلٌ وموثَّقٌ في كلِّ خطبِهِ ومواعظِهِ ودروسِه. وهذا الميراثُ نصٌّ صريحٌ غيرُ قابلٍ للتأوبل، مهما حاولَ الذينَ في قلوبِهِم زَيغٌ أن يُوجِدوا الفتنةَ في تأويلِهِ لما تشتهي أنفسُهم.
ـ لماذا لا نرجعُ إلى محمّد الصدر؟
هذه دعوةٌ إلى الرجوعِ لمحمّد الصدر، والسيرِ على طريقِه، ويجبُ أنْ لا تأخذَنا في هذه الدعوةِ لومةُ لائم. فالخلافاتُ، والتسقيطاتُ، والتشدُّد، وإلغاءُ الآخر، والاهتمامُ بالذات، والأنا، والابتعادُ عن المرجعية، كلُّ هذه الأمورِ تعصفُ بنا. وكلُّ ذلكَ يجري بإسم محمّد الصدر، وهو مِن كلِّ ذلكَ بريء.
ـ محمّدُ الصدر، كانَ أوّلَ مَن أنكرَ ذاتَهُ، فهو القائل “أنا لستُ مهمّاً بوجهي ولا بيدي ولا بعيني، وإنّما المُهِمُّ هو دِينُ الله ومذهبُ أميرِ المؤمنين”. فأينَ نحنُ مِن محمّد الصدر؟
ـ محمّدُ الصدر، كان يُوصي بالأُخوّةِ في الله، والمودّةِ في الله، والابتعادِ عن كلِّ ما يُثيرُ الشِّقاقَ بينَ الإخوة، وكانَ كلامُهُ الخالد ” إنَّ القرآنَ واحد، والنبيَّ واحد، والقِبلةَ واحدة، والدِّينَ واحد، والهدفَ واحد، وإنَّ وحدةَ الصفِّ وتضامنَ الكلمةِ وتأليفَ القلوب، هو فيضٌ من الله ونعمةٌ من نعمِهِ الكبرى”.
ـ محمّدُ الصدر، هو الذي شخّصَ أنّ البشريةَ بطبيعتها قاصرةٌ ومقصِّرة، وأنّ فيها الذنوبَ والعيوبَ والخلافات، وأنها تحتاجُ إلى تعديلٍ وتقويمٍ وعدل، وأنَّ ذلكَ كلَّهُ لا يُمكنُ أن يكونَ إلا بالاجتهاد. وكان يقولُ صراحةً، إنّ البشريةَ من دونِ وجودِ المجتهدين، تكونُ ملحَقةً بالعدم، وتكونُ ضالّةً ومُضِلّة.
ـ محمّدُ الصدر، هو الذي قال ” إذا استُشهِدت، فالمرجعُ البديل، حتى لو لم يكن متَّفقاً مع السيِّد محمّد الصدر، إلا أنَّ المهمَّ فيه هو الاتجاهُ نحوَ العدالةِ الاجتماعية، وإنصافِ الناسِ من نفسِه”.
ـ في هذا اليوم، أقولُها، ولا تأخذُني في اللهِ لومةُ لائم، علينا جميعاً أن نرجعَ إلى محمّد الصدر، إذا كنّا أتباعَهُ فعلاً، علينا جميعاً أن نرجعَ إلى محمّد الصدر، إذا كنّا أبناءَهُ فعلاً.
ـ كان محمّدُ الصدر بحقٍّ أباً مُربِّياً، فهل نحنُ أبناءٌ مطيعونَ له؟
هل نحنٌ أبناءٌ بارُّونَ به؟
هل طبَّقنا وصاياهُ وإرشاداتِه؟
ـ أقولُها بكلِّ صراحةٍ ووضوح، إنَّ الغالبيةَ العظمى ممَّن يدَّعونَ الانتماءَ إلى محمّد الصدر، هم أبعدُ ما يكونونَ عنه، ولستُ أستشهدُ لذلكَ برأيي، فكلامُ ووصايا محمّد الصدر موجودة، وستكونُ حُجَّةً على كلِّ مَن يعتقدُ بِه (رضوانُ اللهِ تعالى عليه).
ـ محمّدُ الصدر، كانَ الأبَ المربّيَ لكلِّ الواعينَ والمجاهدين، ونسألُ اللهَ تعالى أن نكونَ أبناءَهُ، والمتربِّينَ بتربيتِهِ، والسائرينَ على طريقِهِ، والمتمسّكينَ بوصاياه.
ـ في هذا اليوم، نُجدِّدُ العهدَ مع محمّد الصدر، على الالتزامِ بوصاياه، بالرجوعِ إلى العلماءِ المجتهدين، والتمسّكِ بمنهجِهِ القويم، والسيرِ على طريقِهِ المستقيم، وأن نستمرَّ بالدفاعِ عن المظلومين، ورفضِ الفسادِ والفاسدين، وأن نُنكِرَ ذواتَنا، ونتجاوزَ أنانيّتَنا، بأننا لسنا مهمّينَ لا بوجوهِنا ولا بأيدينا ولا بأعيُنِنا أمامَ دينِ اللهِ وشريعةِ سيّدِ المرسلينَ ومذهبِ أميرِ المؤمنين.
ـ نحنُ نمُدَّ أيديَنا دائماً إلى إخوانِنا المؤمنين، فإنْ قَبِلُونا بإحسانٍ كانَ فيه رضا ربِّ العالمين، وإنْ ردّونا بالإساءة، نتحمّلُ الإساءةَ من الأقربين، امتثالاً لقولِ اللهِ سبحانه وتعالى (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ).
ـ نُعاهدُ محمّدَ الصدر، على أن نبقى مقاومين، وأن لا تبقى أيُّ قواتٍ أو قواعدَ عسكريةٍ للأجنبيينَ على أرضِ الأنبياءِ والمرسلين، وهذا هو الثأرُ الحقيقيُّ لقادتِنا الشهداءِ الأكرمين.
ـ نُعاهدُ محمَّدَ الصدر، على أن نُساهمَ في بناءِ دولةٍ كريمة، يعيشُ أبناؤها فيها بأمانٍ واطمئنان، ويتحقَّقُ فيها الخيرُ والرّفاه، وأن نكونَ ممهِّدينَ حقيقيينَ لإمامِ الخلقِ أجمعين، الإمامِ المهديّ (صلواتُ الله وسلامُهُ عليه وعلى آبائِهِ الطاهرين).ونسألُ اللهَ سبحانه وتعالى أن يُعينَنا على ذلك، ويُوفّقَنا إليه، وأن يختمَ لنا بحُسنِ العاقبة، فإنه لا يَنالُ ذلكَ إلا ذو حظٍّ عظيم.
ـ السلامُ على محمّد الصدر يومَ وُلِدَ، ويومَ استُشهِدَ، ويومَ يُبعَثُ حَيّا .