فن صناعة الأزمة

حافظ آل بشارة
هذا الملف بحاجة الى كثير من البحث ، كأننا ننظر الى اللوحة نفسها من زاوية أخرى ، كثير من لوحات الرسم الخالدة نعجب بها وربما لا نعرف من يقف وراءها ، الأزمة العراقية الحالية هي واحدة من تلك اللوحات الذكية النادرة ، انظروا الى التداخل والشبهات وشبكة الانفاق المظلمة والمفردات المتنافرة :
– طبقة سياسية اغلبيتها فاسدة وفاشلة ، من الذي اوصلها الى السلطة ؟
– بلد مقسم الى ٣ مكونات غير متعاونة من الذي قسمه بهذا الشكل ؟
– ١٧ سنة من الفساد والفشل والفوضى ، من الذي شجع على مضي السنين بلا حل ؟
– تظاهرات احتجاجية متأخرة ومفاجئة تطالب بالاصلاح ، من يقف وراء توقيتها ؟
– جريمة قتل المتظاهرين ، من المسؤول عنها؟
– القوى المتعددة والمتناقضة التي تستخدم التظاهرات هي أداة تنفيذ الحرب الاهلية الشيعية هل فشلت حقا ؟
– رئيس الوزراء المكلف أمامه خياران احلاهما مر ، اذا اختار وزراء مستقلين سترفض الاحزاب تمريرهم في البرلمان ، واذا اختارهم من الاحزاب فسوف ترفضه ساحات التظاهر والمرجعية والناس اجمعين ، ماذا سيفعل ؟
– اذا انقضت 30 يوما ولم يشكل علاوي حكومته سقط تكليفه دستوريا ويجب تكليف غيره ، من هو ؟ وما الفائدة منه اذا كان سيواجه الخيارات نفسها .
– سؤال متأخر : حكومة علاوي تشبه حكومة عادل عبد المهدي ومكلفة بالواجبات نفسها فلماذا اقيلت حكومة عبد المهدي ؟
هذه هي لوحة الأزمة العراقية بتفاصيلها وهي اكثر تعقيدا من لوحة (العشاء الاخير) لدافنشي ، انها لعبة تصميم أزمة يجب ان تنتهي الى حل معد لها مسبقا ، مثل رسم اللوحات المشفرة ، هناك شيطان يختفي خلف الستار يتلهف لسماع الجملة الأخيرة القائلة : (هيا قسموا العراق واريحونا) ، في هذه الأزمة الخاسر الاكبر هو الشعب ، وسيكون الخاسر الاكبر في خاتمتها الشعب ايضا الا اذا قرر هذا الشعب انقاذ نفسه بعمل نوعي محفوظ من السرقة ، أي عندما يقرر ان يكون هو اللاعب وليس اداة في اللعبة .