الجمعة - 29 مارس 2024

استمرار التوتر في العلاقات بين واشنطن وبكين

منذ 3 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024
1037 مشاهدة

لأول مرة منذ أكثر من أربعة أشهر من تولي جو بايدن منصبه في الولايات المتحدة واستمرار التوترات بين بكين وواشنطن، تحدث بايدن عبر الهاتف مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وتوترت العلاقات بين واشنطن وبكين بشكل متزايد، خاصة خلال السنوات الأربع الماضية في ظل سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وانتهج ترامب سياسة صارمة ضد الصين بعد توليه منصبه في يناير 2017، وقام بمواجهة بكين على مختلف الصعد التجارية والسياسية والأمنية.

وتمحورت الخلافات بين الصين والولايات المتحدة خلال السنوات الاخيرة حول العقوبات القاسية التي فرضتها واشنطن على بكين، وقيامها برفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الصين على خلفية الحرب التجارية بين البلدين، واتهام الصين بانتهاك حقوق الانسان، وتدخل واشنطن في قضية هونغ كونغ، فضلا عن الحرب الكلامية التي اشتعلت بين واشنطن وبكين في اعقاب تفشي جائحة فيروس كرونا.

خلفية الخلافات بين الولايات المتحدة والصين

لطالما ألقت الولايات المتحدة باللوم على الصين بسبب السياسات والأساليب التي اتخذتها الاخيرة على الصعيدين الاقتصادي والتجاري، حيث اتهمت الصين بالعمل على الحاق الخسارة بالاقتصاد الامريكي، لذلك قام ترامب خلال السنوات الأربع الأخيرة من حكمه بشن حرب تجارية على الصين ورفع الرسوم الجمركية لمواجهة النمو الاقتصادي الصيني، إلا أن هذه السياسة ووفقا للإحصائيات لم تحقق نتائج ملموسة للولايات المتحدة. وفي الواقع، تعكس السياسات الاقتصادية التي ينتهجها المسؤولون الأمريكيون تجاه الصين تدل على قلقهم المتزايد من أن تصبح الصين القوة الاقتصادية الاولى في العالم.

مع ظهور وباء كوفيد- 19 في الصين وانتشاره في العالم، اشتدت المواجهة بين الولايات المتحدة والصين، حيث حاول ترامب أكثر من أي وقت مضى بتوجيه الاتهامات الى الصين بنشر الوباء وتبرير المشاكل المستبطنة التي تعاني النظام الصحي الامريكي الهش.

ولا تزال هذه القضية مفتوحة أمام المسؤولين الأمريكيين، حيث أمر بايدن الأسبوع الماضي وكالات المخابرات الأمريكية بالتحقيق في منشأ فيروس كورونا، فيما تتهم الولايات المتحدة الصين بعرقلة التحقيق الذي تجريه منظمة الصحة العالمية حول معرفة أصل فيروس كورونا والحد منه.

ويستخدم بايدن فيروس كوفيد- 19 كأداة ضغط على الصين في وقت قد خلص تقرير فريق الخبراء الذي سافر الى الصين، وصدرت نتائجه في مارس 2021، إلى أن الفيروس التاجي ربما ظهر في الخفافيش قبل أن يصل إلى البشر من خلال حيوان وسيط. لكن الفريق قال إنه لا توجد أدلة كافية لتحديد الأنواع أو لتحديد مكان انتشار الفيروس من الحيوانات لأول مرة.

هذا وتستمر المواجهة العسكرية والأمنية بين الولايات المتحدة والصين، حيث قامت واشنطن بتركيز قواتها البحرية على منطقة شرق آسيا منذ عام 2012، بزعم تقديم الدعم لحلفاء الولايات المتحدة في منطقة آسيا- والمحيط الهادئ ومنع الصين من غزو تايوان، كما صعدت الولايات المتحدة ضغوطها على بكين بفتح جبهة جديدة بذريعة القمع وانتهاكات حقوق الإنسان في الصين، لا سيما في هونغ كونغ وشينجيانغ.

زيادة الموازنة الدفاعية البالغة 715 مليار دولار لعام 2022 من قبل بايدن، والتي تتركز على التمويل للمساعدة في تحديث الترسانة النووية الامريكية وردع الصين، فضلاً عن توسيع قدرات الحروب المستقبلية، هي مثال آخر على جهود الولايات المتحدة لمواجهة الصين ودليل على خوف المسؤولين الامريكيين من تنامي القدرات الامنية والدفاعية للصين.

على الرغم من أن الكثير كانوا يعتقدون بأن مجيء بايدن الى سدة الحكم من شأنه ان يقلل الى حد ما من سياسات واشنطن العدائية تجاه بكين، إلا أن موقف بايدن وسياساته أثبتت خلاف ذلك حتى الآن، كما اعترف وزير الخارجية الامريكي أنتوني بلينكن مؤخرًا بأن بلاده تعتزم بناء العلاقات مع الصين من موقع القوة، معتبرا أن العلاقات بين البلدين صارت تحمل جوانب عدائية في طياتها.

ويقول “جليل روشندل” أستاذ العلوم السياسية في جامعة كارولينا الشرقية: “إذا لم يتمكن جو بايدن من إنهاء المنافسة بين الصين والولايات المتحدة أو إذا يعتمد على المنافسة في القطاع الاقتصادي فقط دون أن يحرز تقدما في القطاعات السياسية أو الأمنية أو التقنية أو العسكرية، فإن هذه المنافسة ستزداد يوما بعد يوم دون أدنى شك وستتحرك نحو المنافسة مع الاحتكاك”.

وعلى الرغم من مكالمة بايدن الهاتفية، يبدو أن الخلافات بين الولايات المتحدة والصين لا تزال باقية بقوتها، وأن بايدن سيستمر ايضا في اتباع سياسات ترامب تجاه الصين، في الوقت الذي يحذر فيه بعض المسؤولين الأمريكيين السابقين من استمرار هذه المواجهة.

وحذر الدبلوماسي الأمريكي السابق هنري كيسنجر من أن “التوتر بين الولايات المتحدة والصين يهدد العالم بأسره وقد يؤدي إلى نزاع غير مسبوق بين الدولتين العملاقتين عسكريا وتقنيا”.